يتحدث الكاتب والمدون عمر عبدالرحمن الشامي والشهير بلقب عمر الشامي عن آثار هذا الملك قبل توليته للملك، ولكن اتضح من الكشوف الحديثة أنه كان ملكًا ويحمل الألقاب الملكية في طغراءين، وتدل ظواهر الأحوال على أنه كان مشتركًا مع والده «أوسركون الثاني» في الحكم، وأنه كما يقال حكم وحده مدة قصيرة لا نعرف مداها (راجع Montet, La Necropolis Royale de Tanis, Tome I).
مقبرته
قد سبق الشامي الكلام عن كيفية كشف هذه المقبرة عند التحدث على مقبرة الملك «بسوسنس الأول» [راجع فراعنة الأسرة الواحدة والعشرين في تانيس الفرعون «بسوسنس» باسب خعنوت]، وسنتحدث هنا عن محتويات التابوت الذي دفن فيه هذا الملك.
يا «أوزير» الملك «شيشنق» محبوب «آمون»، إنك ستأخذ خبزًا إلى «حتكا بتاح» (منف)، وستجدد القرابين إلى «أون» (عين شمس)، ليتك ترى «آتون» يشرق في سفينته عندما يولد كل يوم طوال الأبدية.
وقد وُجدت مومية «شيشنق» ملفوفة كلها في كفن من الكتان ثُبِّتَ عليه ورقة من الذهب المنقوش والمحلَّى بشرائط زرقاء، والكل يكوِّن زخرفةً تذكرنا بتلك التي نقشت على التابوت الفضي.
- العقود: وُجد «لشيشنق» عقد واحد مؤلف من ست وثلاثين خرزة محفورة في الذهب وتنتهي بمحبس يتدلى منه طاقة مؤلفة من ستين زهرة في الأصل، ولكن هذا الأثر سُرق بعضه وكُسرت منه حلقات كثيرة ولم يبقَ من زهراته إلا النصف.
- الصدرية: وُجد «لشيشنق» صدرية يحلِّي وسطَها جعران من الحجر الرمادي اللون وعلى ظهره نقش متن من الفصل الثلاثين من كتاب «الموتى»، ويسطع في كورنيش هذه الصدرية قرص الشمس المجنح، ويحتوي كذلك على قرص مجنح في داخل الإطار وهو يضيء على «إزيس» و«نفتيس» اللتين تسندان قرص الشمس بأجنحتهما، هذا إلى لوح متحرك في صورة متوازي الأضلاع محلًّى بإفريز مشبوك في قاعدة الإطار، وقد نقشت صورة الإلهتين في لوحين من الذهب، أما جناحا الجعران وقرص الشمس فقد رصعت بعجينات ملونة، ولونت العلامات الهيروغليفية باللون الأسود ورصعت على ورق من الذهب، وقد شُغلت رقعة الصدرية بمركب ذات لون أزرق يشبه الفيروز، واللوح الذهبي الذي يتألف منه قعر هذه القطعة مثِّل فيه بالحفر نفس الموضوعات السابقة.
والمتن المنقوش على الجعران كتب في وسط شكل بيضي لتُمْكِنَ رؤيتُه، وهذه الصدرية كانت تُحمل بوساطة شريط من الذهب ينتهي من كلا طرفيه بحلقة، ويمكن شبك الحلقتين بالكبشين اللذين على الكورنيش، وقد استُعملت حلية مسطحة في صورة ناقوس بمثابة علاقة لهذه الصدرية.
أما القطعة التي تعد نسيجَ وحدِها في كل الصدريات التي عثر عليها في هذه الجبانة، فهي التي وجدت في تابوت «شيشنق» (راجع Tanis p. 148 Pl. XIII)، فنشاهد أولًا بدلًا من القضيب المصري الذي يزين الإطار أنه وضع هذه المرة السماء مزينة بالنجوم مستندة على النباتين اللذين يرمزان للوجه القبلي والوجه البحري؛ أي البردي والبشنين، وهما ينبتان في مجرى ماء مستطيل الشكل، ويجري فوق هذا الماء سفينة الشمس ويشاهَد فيها «إزيس» في المقدمة و«ماعت» في المؤخرة، وكل منهما ناشرة جناحيها على قرص من اللازورد المرصع بالذهب، وفي هذا القرص نقشت صورة إله قاعد يتقبل تحيات «ماعت» أخرى واقفة على قاعدة أخرى، وهذا الإله يجمع في شخصه «آمون رع» و«حور أختي»، ويشاهَد نقشان محفوران على لوحين من الذهب قد استعملا لترتكز عليهما السفينة، والمقصود من المتن هو وعد هؤلاء الآلهة الثلاثة بحماية رئيس «المشوش» ورئيس الرؤساء «شيشنق» ابن رئيس «المشوش» «نمروت»، وأخيرًا نشاهد في هذه الصدرية صقرين يواجه أحدهما الآخر واقفين على رمز السماء بمثابة مجثم، وهما هنا يمثلان حلقتين يتصل بهما شريط من ذهب، وفي أسفل الصدرية نشاهد زهرات من البشنين مقلوبة ومعلقة في مجرى الماء. وصناعة هذه الصدرية دقيقة ورشيقة، وكذلك تأليف أجزائها متقن؛ مما جعلها قطعة من القطع الفنية الأصيلة المنقطعة النظير. - الجعارين: نلحظ في الجعارين التي وُجدت مع «شيشنق الثاني» أن جعران القلب كان يؤلف الزينة التي في وسط الصدرية، وقد وُجد له كذلك جعران يُحمل بشريط من الذهب (راجع Tanis Pl. XIII)، وهذا الجعران يحمل قرص الشمس على رأسه، وعلى كل من جانبيه صلان متوَّجان بتاج الوجه القبلي، ويلاحَظ أن هذه الحيوانات الثلاثة المقدسة وهي: الجعران، والصلان تقف على قضيب تتدلى منه أزهار بشنين مفتحة وغير مفتحة على التوالي.
- الأساور: وجد «لشيشنق» أساور جسمها في صورة يراعة ممتلئة أو مفرغة، أو في صورة سيقان نبات ذي قطاع مثلث ينتهي طرفاه بزهرة أو سلسلة قد يكون خرزه من العقيق أو الكرنيلين، وأحيانًا تكون العين السليمة، نقش على ظهرها متن صغير وفي غالب الأحيان جعران فخم مركب على إطار من الذهب، وفي حالة واحدة نجد أنها أسطوانة من أصل غريب عن مصر؛ إذ وجدنا عليها «جلجامش»١ قاهرًا حيوانات متوحشة واقفة على مؤخرتها (راجع Tanis, Pl. XIV)، وهذه القطعة الأخيرة موجودة في أثاث الملك «شيشنق» الذي يحتوي خلاف ذلك على زوج من الأساور ورثه عن جده الملك «شيشنق الأول»، وهما يتألفان من قطعتين غير متساويتين متصلتين بمفصلة، وأصغر هذين السوارين مزين من الخارج بالعين السليمة موضوعة في سلة، وهذه العين موضوعة بين شرائط زرقاء وشرائط ذهب على التوالي، وتستمر كذلك على الجزء الكبير من السوار، وكل هذا قد عُمل بوساطة أحجار ملونة بألوان مختلفة، وفي مواجهة العين السليمة حفر طغراء الملك «شيشنق الأول».
وجد مع «شيشنق» خاتمان صُنعهما جميل، كما وجد معه زوج أحذية أنيق جدًّا، ويتألف كل حذاء من نعل وطاق يستند عليها القدم، ونهاية النعل يتحول إلى سير متصل بوسط الطاق (الحنية)، وكذلك نشاهد سَيرًا آخر مبتدئًا من الحنية، وينتهي إلى النعل بطريقة يجعل إصبع القدم الكبير منعزلًا عن الأصابع الأربع الأخرى.
- الحزام: وكانت مومية «شيشنق» عليها حزام يتألف من شريط كبير من الذهب محلًّى من الأمام بطغراء، وعلى سائر محيطه أشكال معينات وخطوط متقاطعة (تهشير)، ويقفل بمشبك في صورة منحرف الأضلاع طوله أطول بكثير من عرضه، وهو مؤلف من إطار من الذهب، ومن صفوف من الخرز المنظوم في خيوط غير أنها لم يعد لها وجود، ولكن الخرز كله بقي وقد نظم ثانية.هذا، وقد وجد فضلًا عن ذلك مع المومية أسلحة من الذهب على هيئة إصبعين، والآلة التي كان يستعملها الكهنة لفتح الفم (بشس كاف)، ووجد معه وسادة من معدن الحديد .
- أواني الأحشاء: وجدت في حجرة هذا الفرعون أواني الأحشاء الأربعة، وكانت تحتوي كل منها على تابوت صغير من الفضة طوله ٢٥ سنتيمترًا تقريبًا، ولكل منها صندوق وغطاء على هيئة مومية، والرأس الذي يشبه الوجه المستعار المصنوع من الذهب الذي وجد لهذا الملك مزين بصل ولحية مستعارة، واليدان منحوتتان نحتًا بارزًا غير أنهما لا تقبضان على الصولجان ولا على الصل، ونُقش متن صغير عمودي يمر بين اليدين، ومنه نفهم أن الملك كان الابن الذي بدوره يلعب دور الآلهة الأربعة الذين يحفظون الأحشاء ، ووجد في التابوت الرابع الذي وجد مفتوحًا مومية صغيرة، ووجد له بعض تماثيل مجيبة على ما يُظَن.